في عالم السيارات، بعض الأسماء تعلق في الذاكرة مهما طال غيابها. ولادا، الصانع الروسي الشهير، واحد من تلك الأسماء التي لا يمكن نسيانها، خصوصًا في منطقتنا العربية حيث ارتبط ببساطة التصميم وقوة التحمل. والآن، بعد انقطاع دام نحو ثلاثة عقود، تعود لادا إلى ساحة الكروس أوفر بسيارة جديدة تُدعى لادا أزيموت.
لكن، هل تستحق هذه العودة كل هذا الاهتمام؟ دعونا نستعرض التفاصيل سويًا.
لادا أزيموت: أول كروس أوفر جديدة منذ عقود
في تسعينيات القرن الماضي، لم يكن هناك ما يُعرف بفئة “الكروس أوفر” بالمعنى الواسع الذي نعرفه اليوم. لذلك تُعد لادا أزيموت فعليًا أول كروس أوفر حديثة من الشركة الروسية.
السيارة الجديدة بحجم يضعها في ذات فئة تويوتا كورولا كروس تقريبًا، أي أنها تنتمي لفئة سيارات المدينة المدمجة المتعددة الاستخدامات. تصميمها الخارجي يحمل طابعًا أوروبيًا مألوفًا للغاية،
نظرة تحت الغطاء: ما الجديد في أزيموت؟
رغم أن لادا تُسوق السيارة على أنها جديدة كليًا، إلا أن الحقيقة التقنية مختلفة بعض الشيء. فبحسب تصريح الشركة، تحتوي أزيموت على 996 قطعة جديدة أو محسّنة. لكن عند العلم أن السيارة الاعتيادية تتكون من حوالي 30 ألف جزء، فإن التجديد هنا يُعد محدودًا. تتميز مقدمتها المستقيمة بجزء أمامي قصير بنمط X المميز لطرازات لادا الأخرى، بينما تندمج مصابيحها الأمامية LED الحادة بسلاسة مع الشبك الأمامي وفتحات مداخل الهواء للمصد.من الجانب، و ستلاحظ تجاعيد حادة على الرفارف ، وعجلات معدنية قياس 18 بوصة، وطلاءً ثنائي اللون مع كسوة بلاستيكية أنيقة. بالانتقال إلى الخلف، نجد شريط إضاءة LED بعرض كامل بين المصابيح الخلفية، وتطعيمات من الألومنيوم على المصد الخلفي .
النقطة الجديرة بالذكر أن أزيموت مبنية على قاعدة عجلات سيارة لادا فيستا، وهي منصة تطوير تعود إلى عام 2015 وقد تم تصميمها في الأصل بالتعاون مع رينو الفرنسية، وتحديدًا عبر فرعها الروماني “داسيا”.
الاعتماد الكامل على الصناعة المحلية
لادا تؤكد أن أزيموت تم تطويرها بالكامل دون أي مساعدة من شركات غربية. وتذكر الشركة أن هذه السيارة تُجسد الاستقلال التكنولوجي الروسي في صناعة السيارات،
هذا التوجه ليس بالمفاجئ، خصوصًا بعد العقوبات التي فُرضت على روسيا وتسببت في انسحاب عدد كبير من الشركات العالمية من السوق الروسية. النتيجة؟ الاعتماد الذاتي أصبح هدفًا استراتيجيًا.
داخلية ذكية: بنك روسي يصمم نظام الترفيه
أحد أغرب وأبرز مميزات لادا أزيموت هي حصولها على نظام معلومات وترفيه جديد كليًا، تم تطويره من قِبل “سبير”، وهو بنك روسي مملوك للدولة. عن طريق شاشة لمس قياس 10 بوصات لنظام المعلومات والترفيه،
وقد يبدو غريبًا أن بنكًا يُصمم نظامًا داخل سيارة، لكن النتائج مثيرة للاهتمام:
- إمكانية الدفع لمحطة الوقود مباشرة من شاشة السيارة
- ربط السيارة بتطبيق Sber للسيطرة على بعض الوظائف عن بُعد
- خدمات اتصال وبيانات عبر باقة SberMobile
- تشمل الميزات القياسية ستة مكبرات صوت، وكاميرا للرؤية الخلفية، وميزة الدخول بدون مفتاح. ، تتوفر ترقيات اختيارية مثل الشحن اللاسلكي، وسقف بانورامي، ومكيف هواء ثنائي المناطق، ونوافذ جانبية مدفأة، وباب خلفي كهربائي، وكاميرا بزاوية 360 درجة.
هذه الوظائف تعطينا لمحة عن تطور السوق الروسية في مسألة الدمج بين التقنية والخدمات المحلية.
المحركات المتوفرة: أداء متوازن
سيتم تقديم لادا أزيموت في البداية بمحركين:
- محرك 1.6 لتر بقوة 120 حصان
- محرك 1.8 لتر بقوة 132 حصان
ورغم عدم تحديد نوع الوقود أو عدد الأسطوانات رسميًا، إلا أن المواصفات تشير إلى أنها تعتمد على محركات لادا البنزين ذات الأربع أسطوانات المعروفة.
وسيتوفر ناقل حركة يدوي من 6 سرعات أو ناقل حركة CVT. كما يجري العمل على إضافة نسخة بمحرك تربو بقوة 150 حصان وناقل حركة أوتوماتيكي بمحول عزم لاحقًا.
تحقيق معادلة السعر مقابل الجودة
أبرز ما تراهن عليه لادا هو أن أزيموت تقدم أفضل قيمة مقابل سعرها في فئتها داخل السوق الروسية. خصوصًا أن لادا تحتفظ بحصة سوقية تبلغ تقريبًا ثلث مبيعات السيارات الجديدة في روسيا سنويًا، مما يمنح أزيموت قاعدة انطلاق قوية.
هل سنرى لادا أزيموت في أسواقنا؟
حتى الآن، خطة أزيموت تركز على السوق الروسية حيث من المقرر أن يبدأ إنتاج أزيموت عام ٢٠٢٦ في مصنع توجلياتي ، خصوصًا بعد انهيار آمال التوسع الخارجي بسبب الأوضاع السياسية. لكن السؤال هنا: لو قُدمت هذه السيارة في أسواقنا العربية بسعر تنافسي، فهل ستنجح؟
المزايا موجودة: تصميم مقبول، تقنيات محلية، واعتماد على قطع معروفة مسبقًا. ولكن التحدي الحقيقي سيكون في مدى قدرتها على منافسة سيارات صينية وأخرى يابانية تثق بها الجماهير العربية منذ سنوات.
في النهاية، يمكن القول إن لادا أزيموت ليست مجرد سيارة جديدة، بل هي رمز لمحاولة روسيا استعادة موقعها في صناعة السيارات عبر الاعتماد على الذات. فهل ستكون خطوة ناجحة نحو المستقبل؟ الزمن وحده كفيل بالإجابة.