تخيل هذا المشهد… أنت تقود سيارتك بشكل طبيعي، والموسيقى تعزف بهدوء، وكل شيء يبدو على ما يرام. تنظر سريعًا إلى لوحة العدادات، وإذا بك ترى لمبة صغيرة برتقالية مضيئة — نعم، إنها لمبة “فحص المحرك” الشهيرة. تلك اللمبة التي يحب الجميع أن يكرهوها!
تتوقف في أقرب ورشة سيارات، وتستعد لسماع الخبر السيئ. يخبرك الفني أن المشكلة في صمام EGR. وربما تتساءل: ما هو صمام EGR هذا؟ ولماذا يهم؟
—
ما هو صمام EGR؟ ولماذا يوجد في السيارة؟
اختصار EGR يعني: Exhaust Gas Recirculation، أو إعادة تدوير غاز العادم إلى المحرك. هو جزء أساسي من منظومة الانبعاثات داخل السيارة، تم تطويره لتحسين أداء الاحتراق الداخلي وتقليل الانبعاثات الضارة.
فكرة النظام بسيطة: يقوم الصمام بإعادة جزء من غازات العادم، بعد خروجها من غرفة الاحتراق، إلى داخل المحرك مجددًا. الهدف؟ تقليل درجة حرارة الاحتراق، وبالتالي الحد من انبعاث أكاسيد النيتروجين (NOx)، وهي من أكثر الغازات الملوثة للبيئة.
قد يبدو الأمر غير منطقي… إعادة غازات العادم إلى غرفة الاحتراق؟ لكن هناك منطق هندسي وراء هذا.
—
كيف يعمل صمام EGR؟
دعونا ننظر إلى المسألة من زاوية علمية:
الهواء الذي يدخل إلى المحرك يتكون من:
- 78% نيتروجين تقريبًا
- 21% أكسجين
عند احتراق الوقود داخل المحرك، يتعرض النيتروجين الموجود في الهواء لدرجات حرارة عالية جدًا، مما يؤدي إلى تفاعلات تنتج عنها أكاسيد النيتروجين. وهذه الغازات ضارة جدًا للبيئة وصحة الإنسان.
هنا يأتي دور صمام EGR، حيث يعمل على:
- إعادة تدوير بعض عوادم المحرك إلى غرفة الاحتراق
- تقليل كمية الأكسجين داخل الأسطوانة
- تقليل حرارة الاحتراق داخل المحرك
وهكذا يتم تقليل إنتاج أكاسيد النيتروجين بنسبة كبيرة، وتحافظ السيارة على توافقها مع المعايير البيئية الحديثة.
لكن النظام ليس مفتوحًا بشكل دائم. فالصمام يُدار إلكترونيًا بناءً على حالة المحرك:
- في حالة التشغيل البارد: الصمام يبقى مغلقاً
- في وضع الخمول (Idle): الصمام قد يُفتح حتى 90% تقريبًا، لأنه لا حاجة كبيرة للطاقة
- عند التسارع أو الحمل العالي: يُغلق الصمام لأن المحرك يحتاج إلى كمية أكبر من الأكسجين لإنتاج الطاقة
—
ماذا يحدث عندما يتعطل صمام EGR؟
صمام EGR يعمل تحت ظروف قاسية: حرارة عالية، تلوث بالكربون، وضغط مستمر. وهذا يجعله عرضة للتعطل مع مرور الوقت، خصوصًا في السيارات التي قطعت مسافات طويلة.
أشهر أعطال صمام EGR تشمل:
- تراكم الكربون داخل الصمام مما يعوق حركته
- انغلاق تام أو بقاءه مفتوح دائمًا
- ضعف أداء المحرك وتباطؤ التسارع
- اهتزاز المحرك أثناء التوقف (Rough Idle)
- ارتفاع حرارة الاحتراق داخل الأسطوانة
وإذا استمر الصمام في وضعه غير السليم، فقد يتسبب في تلف قطع أخرى مثل:
- حساس الأوكسجين (O2 Sensor)
- المحول الحفاز (Catalytic Converter)
وفي بعض الحالات الشديدة، قد تلاحظ صوت “تكتكة” غير مألوف ناتج عن احتراق غير منتظم داخل المحرك (Engine Knocking).
—
هل يمكن للسيارة أن تعمل بدون صمام EGR؟
من الناحية الميكانيكية، نعم، فالمحرك يمكنه العمل من دون وجود صمام EGR. بل إن العديد من السيارات القديمة، خاصة الديزل، لم تكن مزودة به أصلًا قبل عام 2003.
لكن من الناحية القانونية والبيئية، فإن إزالة الـ EGR يعتبر مخالفة في كثير من الدول لاعتماد السيارة على نظام انبعاث معين تم تصميمها عليه.
كما أن إزالة الصمام قد يؤدي إلى زيادة العزم قليلًا في بعض المحركات، لأن المحرك يحصل على هواء أنظف وأغنى بالأوكسجين – لكن مقابل التلوث والإضرار بمكونات أخرى.
—
ختامًا
صمام EGR قد يبدو قطعة صغيرة في منظومة معقدة داخل السيارة، لكنه يؤدي وظيفة بيئية وهندسية بامتياز. يعزز من كفاءة المحرك، يقلل الانبعاثات، ويحافظ على التوازن داخل غرفة الاحتراق.
فإذا شاهدت لمبة “Check Engine” ، وكان السبب هو صمام EGR، فلا تؤجل الإصلاح. فهو يدور في قلب المعركة داخل المحرك ويستحق بعض العناية — والمركبة أيضاً ستشعر بالفرق.
—