عندما تُذكر بروكسل، قد يتبادر إلى الذهن الاتحاد الأوروبي أو قرارات تنظيمية معقدة تؤثر على صناعة السيارات. لكن في يناير 2025، تحوّلت العاصمة البلجيكية إلى مسرح مذهل لعشاق السيارات من جميع أنحاء أوروبا، مع انطلاق معرض بروكسل للسيارات في نسخته الـ 102 وسط حضور غير مسبوق وعدد من العروض الأولى التي جعلت منه محطة لا تُفوَّت هذا العام.
لماذا بروكسل؟ ولماذا الآن؟
قد يُثير الأمر شيئًا من التناقض: في نفس المدينة التي تحتضن المفوضية الأوروبية والتي غالبًا ما تُتهم بعدم تفهمها لعالم صناعة السيارات يُقام معرض ضخم يكشف عن أحدث الابتكارات الميكانيكية. ولكن عام 2025 لم يكن حدثًا عاديًا.
ما زاد من أهمية معرض بروكسل للسيارات هذه السنة عدة عوامل متداخلة:
- إلغاء معرض جنيف الشهير، ما فتح المجال لبروكسل لتصبح الوجهة الرئيسية لهذا الموسم.
- اختيار بروكسل كموقع لإعلان “سيارة العام في أوروبا 2025”، وهو شرف بحد ذاته.
- عودت مجموعة Stellantis بقوة، تحت قيادة مديرها الأوروبي الجديد جان فيليب إمباراتو، والذي يؤمن بأهمية المعارض كمنصة تواصل وعرض.
أرقام تحبس الأنفاس: 63 علامة و21 عرض أول
سجل الحدث رقمًا قياسيًا بعدد المشاركين: 63 شركة سيارات، منها:
- 7 عروض عالمية أولى
- 14 عرضًا أوروبيًا أول
الأسماء المعروفة التي حضرت المعرض شملت: أودي، BMW، مرسيدس، تويوتا، بورشه، فولكسفاجن، كيا، هيونداي، بيجو، شيفروليه، وحتى الأسماء الفاخرة كبوجاتي وفيراري. كما برزت أيضًا شركات صينية مثل BYD و Leapmotor، مما يشير لتحول ملامح صناعة السيارات الأوروبية ببطء نحو عالم الطاقة الكهربائية والمنافسة العالمية.
كلمة السرّ: Stellantis
لا يمكن الحديث عن معرض بروكسل للسيارات دون تسليط الضوء على حضور مجموعة Stellantis، التي سرقت الأضواء بـعرض 53 طرازًا مختلفًا.
أهم ما عرضته المجموعة:
- سيارة Abarth 600e الكهربائية المدمجة
- Alfa Romeo Junior Q4 بنسخة “Intensa”
- Citroën C3 Aircross الجديدة كليًا
- DS N°8 الفاخرة من علامة DS
- Fiat Grande Panda العائلية
- Lancia Ypsilon HF الإصدار الجديد
- Opel Grandland و Frontera إلى جانب Mokka
لم تكن Stellantis وحدها في الساحة، فهناك أيضًا ظهور قوي لـLeapmotor الصينية التي قدمت سيارتين كهربائيتين عبر المنصة الأوروبية: T03 المدمجة و C10 الـ SUV أول ظهور لهما في القارة.
أبرز الظهورات الأخرى
- Audi RS6 Avant Performance في ظهور خاص، رغم أن المصنع التابع للشركة في بروكسل سيُغلق نهائيًا نهاية فبراير.
- Alpine A290 الرياضية صغيرة الحجم – كهربائية بالكامل
- Renault Twingo – مع عرض داخلي لأول مرة
- Hyundai قدّمت Inster و Ioniq 9
- Skoda جددت Enyaq الكهربائية
- Kia EV3 – ضمن المرشحين لنيل لقب سيارة العام 2025
- BYD Atto 2 – سيارة صينية من المرتقب إنتاجها في المجر وبيعها في أوروبا أوائل 2025
كل هذه المشاركات تُظهر بوضوح أن بروكسل تحولت لمركز ثقل حقيقي لصناعة السيارات الأوروبية وربما العالمية هذا العام.
البُعد السياسي: لقاء ضمني أم منصة ضغط ؟
الطريف أن هذا الحشد التاريخي من الشركات جاء في وقت تشير فيه الوثائق الرسمية إلى عدم وجود أي اجتماعات رسمية بين الشركات والمفوضية الأوروبية. ولكن الصُدف لها رأي آخر
ذلك أن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين كانت بصدد إطلاق “الحوار الاستراتيجي حول مستقبل صناعة السيارات الأوروبية”، تزامنًا مع وقت المعرض.
ولذلك، يعتقد البعض أن هذه التظاهرة تمثل بأسلوب غير مباشر نوعًا من الضغط الجماعي أو “الحشد الناعم” أمام من يتخذ القرارات التنظيمية التي تخص البيئة والانبعاثات الكهربائية وتنافسية الصناعة الأوروبية أمام التنين الصيني.
الخلاصة: معرض بروكسل يعلن نفسه
في وقت تشهد فيه صناعة السيارات تغيرًا جذريًا من الوقود التقليدي إلى الكهرباء، ومن الاحتكار الأوروبي إلى التنافس الصيني جاء معرض بروكسل للسيارات 2024 ليُجدد الثقة في المعارض الكبرى.
كان الحدث بمثابة منصة شاملة تجمع بين الابتكار، الاستعراض، والحوار الضمني. وبكل بساطة، أثبتت بروكسل أنها ليست فقط مركزًا للسياسة بل باتت أيضًا إحدى عواصم السيارات الحقيقية في قلب أوروبا.







