هل تساءلت يوماً إن كانت عادة تسخين السيارة صباحاً لازمة حقاً؟ لا بد أنك رأيت صديقاً أو جاراً يُشغّل سيارته ويترك المحرك يعمل لدقائق وهو يحتسي القهوة. ما وراء هذه العادة؟ هل هو حرص على المحرك؟ أم مجرد تقليد قديم؟
في هذا المقال، نكشف حقيقة “تسخين محرك السيارة” ومسألة تشغيل السيارة وتركها تدور لفترة قبل الانطلاق – خاصة في الأجواء الباردة أو عند تشغيلها لأول مرة خلال اليوم. دعونا نخوض في التفاصيل بلغة بسيطة وواقعية، ونفهم متى يكون التسخين ضرورياً ومتى يكون مضيعة للوقت والبنزين.
هل تسخين المحرك ضروري في السيارات الحديثة؟
في الماضي، كانت السيارات تُزوّد بـ”خنّاق” (choke) يدوي لضبط نسبة الهواء إلى الوقود، وكان المحرك يحتاج فعلاً إلى وقت ليسخن كي يعمل بكفاءة.
لكن الأمور تغيّرت مع تطور أنظمة حقن الوقود والإدارة الإلكترونية. السيارات الحديثة تعتمد على حساسات وتقنيات متقدمة تسمح بإدارة خليط الوقود/الهواء والاحتراق بكفاءة حتى عند البرودة الشديدة.
إذًا، الجواب المختصر؟ معظم السيارات الحديثة لا تحتاج لتسخين طويل. يكفي تشغيل المحرك، الانتظار بضع ثوانٍ (10 إلى 30 ثانية)، ثم الانطلاق بهدوء.
لماذا يصرّ البعض على ترك السيارة تعمل لعدة دقائق؟
هناك أسباب عدة تجعل هذا التصرف شائعاً:
- عادات متوارثة: عند آبائنا وأجدادنا، كانت السيارات تحتاج فعلاً للتسخين، واستمرت العادة دون مراجعة علمية.
- ورغبة في الشعور بالدفء: في المناطق الباردة، تشغيل السيارة مسبقاً لتدفئة المقصورة أصبح أمراً شائعاً أكثر من كونه حاجة ميكانيكية.
- خوف مفرط على المحرك: يعتقد البعض أن الانطلاق مباشرة قد يسبب ضرراً داخلياً، رغم أن المحركات الحديثة مصممة للتعامل مع هذا السيناريو.
متى يكون التسخين مهماً بالفعل؟
رغم أن معظم الحالات لا تستدعي الانتظار، إلا أن هناك بعض الحالات الخاصة:
- في درجات حرارة تحت الصفر: في أماكن تصل الحرارة لما دون الصفر ليلاً، ينتج الزيت سُمكاً أعلى وتحتاج بعض المحركات لحظات إضافية ليصل الزيت لجميع الأجزاء.
- في سيارات قديمة جداً: الموديلات التي تعود إلى ما قبل التسعينات، خصوصاً التي تستخدم “خنّاق” يدوي، قد تحتاج فعلاً إلى وقت أطول قبل التحرك.
- محركات الديزل: بعض محركات الديزل، خاصة في الشاحنات والمركبات التجارية القديمة، قد تستفيد من دقيقتين أو أكثر من التسخين.
الوجه الآخر للتسخين المبالغ فيه
هل تعلم أن تسخين السيارة لفترات طويلة قد يضر أكثر مما ينفع؟ فعليًا:
- زيادة استهلاك الوقود: المحرك يستهلك أكثر عند التشغيل البارد، وبالتالي تركه يعمل دون تحرك يستهلك كمية وقود لا داعي لها.
- انبعاثات ضارة: تشغيل السيارة وهي ساكنة يزيد من انبعاثات الكربون دون فائدة حقيقية.
- تآكل غير ضروري للمحرك: المحرك مصمم ليعمل تحت ضغط وتحميل معين. تركه دون حمل (Idling) ليس مثاليًا لفترة طويلة.
الخلاصة.. ماذا عليك أن تفعل؟
إذا كنت تقود سيارة حديثة سواء كانت يابانية، ألمانية أو حتى من شركات كورية، فإليك القاعدة الذهبية:
شغّل السيارة، انتظر 30 ثانية، ثم قدّها بهدوء أول كيلومتر أو اثنين. هذا يسمح بتوزيع الزيت بشكل مثالي، وتصل حرارة المحرك بشكل تدريجي وآمن.
أما في الأجواء شديدة البرودة أو إذا كنت تملك سيارة قديمة، فربما تحتاج لدقيقتين إضافيتين من التسخين – ولكن لا تبالغ. راقب المؤشرات، واسمع لمحركك، وستكتسب مع الوقت فهماً أفضل لاحتياجات سيارتك.
هل تؤثر هذه العادة على عمر المحرك؟
نعم، على المدى البعيد، التعود على ترك السيارة تعمل وهي ساكنة لفترات طويلة يومياً قد يساهم في تآكل أسرع لبعض الأجزاء، خاصة إذا لم يكن هناك تحميل فعلي على المحرك. تذكّر: المحركات الحديثة تحب التحرك، لا الانتظار!


