في عالم السيارات المتغير بسرعة، جاءت تصريحات جديدة من جيم فارلي، الرئيس التنفيذي لشركة فورد، لتُطلق ناقوس الخطر أمام الجميع. فبحسب فارلي، فإن شركات السيارات الصينية تشكّل تهديدًا وجوديًا لأسماء ضخمة في الصناعة مثل فورد، وأن هذه الموجة الجديدة من المنافسة “تفوق كل ما واجهناه سابقًا”.
فما الذي يحدث تحديدًا ؟ ولماذا يرى فارلي أن صناعة السيارات الصينية قد تقلب الطاولة على الكبار في اللعبة؟
المشهد يتكرر كما فعلت اليابان ولكن بنسخة أقوى!
استعاد فارلي ذكريات الثمانينيات، عندما بدأت شركات السيارات اليابانية تُسيطر تدريجيًّا على السوق الأميركي، ولكنّه أشار إلى أن الصين تُعيد اللعبة الآن، ولكن بـ”هرمونات تضخيم”. قالها بوضوح:
“شركات السيارات الصينية تمتلك طاقة إنتاج تكفي لخدمة السوق الأمريكي بأكمله. لو أرادوا، بإمكانهم إخراج الجميع من اللعبة.”
الفرق هنا جوهري: اليابان ما كان لديها تلك الطاقة الإنتاجية الهائلة في وقتها، أما الصين، فالمصانع قائمة، والسوق جاهز، والتقنية تتطور سريعًا الخطر في أعلى مستوياته.
هل تحمي الرسوم الجمركية؟ نعم، ولكن مؤقتًا
قد يتساءل البعض: إذا كانت شركات السيارات الصينية بهذه القوة، لماذا لا نراها تُهيمن على الشوارع الأميركية بالفعل؟
الجواب يكمن في الرسوم الجمركية العالية المفروضة على السيارات الكهربائية الصينية. أول من فرضها كان الرئيس بايدن، ثم جاء ترامب ليُشدد من حدّتها، مما أعاق دخول علامات مثل BYD إلى السوق الأمريكي.
لكن خارج الولايات المتحدة؟ الصورة تختلف كثيرًا.
– في المكسيك، على سبيل المثال، أصبحت العلامات الصينية مثل BYD، MG، GWM، و Chery تُحقق انتشارًا واسعًا، محققة 7.7% من السوق بحلول عام 2024.
– وفي بنما، تجاوزت حصتهم 26%!
وما يوصلنا لفكرة محورية: الصين لا تنتظر الدعوة، بل تدخل من الأبواب المفتوحة حيثما وجدت الفرصة.
سيارة فارلي المفضلة؟ ليست فورد!
في خطوة رمزية لافتة، كشف فارلي أنه يقود سيارة Xiaomi SU7 وهي سيارة كهربائية من إنتاج شركة هواتف ذكية صينية (شاومي) . وصفها بأنها ذات “جودة عالية” وتقدّم “تجربة رقمية مذهلة”. بل وأضاف بنبرة إعجاب : “لكي تهزمهم، عليك أن تنضم إليهم.”
تلك الجملة تُعبّر عن الكثير. الاعتراف بجودة وتقنية السيارات الصينية لم يعد سريًا أو مكروهًا داخل أروقة الشركات الغربية. إنه واقع لا يمكن تجاهله.
لكن قصة SU7 لم تخلُ من الجدل. فقد تسبب حادث مميت لاحقًا في الكشف عن “عيب قاتل في تصميم الباب”، مما فتح باب الانتقادات وطرح تساؤلات عن جوانب السلامة في هذه السيارات رغم تطورها التقني السريع.
هل تعيش فورد لحظة “موديل T ” من جديد؟
فورد الآن تُراهن بكل شيء على المركبات الكهربائية، ويصف فارلي هذه المرحلة بأنها لحظة موديل T جديدة في إشارة إلى التحول الثوري الذي صنعته فورد عام 1908 عندما طرحت أول سيارة اقتصادية في متناول الجميع.
الشركة أطلقت خط إنتاج جديد من السيارات الكهربائية ذات الأسعار المعقولة، مستهدفة الأسواق العالمية والتركيز على الكفاءة والابتكار بدلاً من الفخامة المبالغ فيها .
السؤال هو: هل تستطيع فورد مجاراة السرعة الصينية؟ أم أن التاريخ سيعيد نفسه ولكن هذه المرة بيد التنين الآسيوي ؟
ختامًا: إلى أين تتجه المنافسة؟
عندما يُقر الرئيس التنفيذي لشركة عملاقة مثل فورد بأن صُناع السيارات في الصين قد يُخرجون الجميع من السوق، فذلك ليس تحذيرًا عاديًّا، بل اعتراف بحقيقة لا يمكن تجاهلها.
نحن أمام مرحلة جديدة من سباق السيارات الكهربائية، تُغير قواعد اللعبة وتشعل المنافسة على مستوى عالمي.
هل ستنجح العلامات الغربية في ابتكار موجة جديدة من الثورة ؟ أم أن الصين قد حجزت بالفعل مقعد القيادة للمستقبل؟ الزمن وحده سيُجيب.





