في عالم السيارات، هناك نماذج لا تُنسى — ليست لأنها كانت الأسرع أو الأغلى، بل لأنها شكلت محطة فاصلة في تاريخ علامة تجارية عريقة. وهنا نتحدث عن بنتلي Speed Six، السيارة التي كتبت اسمها في سجل المجد لما فازت بسباق 24 ساعة لومان لعامي 1929 و1930.
اليوم، وبعد ما يقارب القرن، قررت بنتلي أن تعيد الحياة إلى هذه الأسطورة من خلال إطلاق “سلسلة Speed Six Continuation” — خطوة جريئة تكشف عن شغف العلامة البريطانية بتراثها العريق.
عودة إلى الزمن الذهبي: ما قصة بنتلي Speed Six الأصلية؟
قُدمت بنتلي Speed Six لأول مرة عام 1928 كنُسخة رياضية من طراز 6½ Litre، وكانت مجهزة بمحرك سداسي الاسطوانات خطي بسعة 6.5 لتر. النسخة المخصصة للطرق حصلت على كاربوريترين من نوع SU ونسبة انضغاط أعلى رفعت القوة إلى 180 حصان، مقارنة بـ147 حصان في الطراز الأساسي. أما النسخة المعدّة لسباقات التحمّل، فقد دفعت القوة إلى 200 حصان.
بنتلي صنعت 182 نسخة مخصصة للطرقات، لكن القصة الأكبر كانت على حلبات السباق. فبعد فوزها التاريخي في سباق لومان، أصبحت السيارة رمزًا للصلابة، الرقي، والهندسة البريطانية الصافية.
سلسلة Speed Six Continuation: الحنين يصنع سيارات
من خلال قسم “مولينر” المتخصص بالتصنيع اليدوي لدى بنتلي، بدأت الشركة في إنتاج سلسلة Speed Six Continuation كنُسخ مطابقة قدر المستطاع للنموذج الأصلي. سيتم تصنيع 12 سيارة فقط، وقد تم بيعها جميعًا حتى قبل بدء الإنتاج!
بعض التفاصيل الفريدة عن هذه السلسلة الجديدة:
- المحرك: سداسي أسطوانات خطي بسعة 6.5 لتر يولد 205 حصان — قريب جدًا من مواصفات 1930 الأصلية.
- آلية التصنيع: اعتماد كلي على الرسومات الأصلية، وملاحظات مهندسي بنتلي التاريخيين، وحتى سيارات سبقت المشاركة في سباق لومان.
- سيارة الإختبار “Car Zero”: أول نموذج من السلسلة، مخصص لاختبارات التحمل والحلبات ولا يُعرض للبيع.
- الإنتاج يبدأ في أكتوبر، ويستغرق 10 أشهر لكل سيارة.
- كل عميل سيحظى بخدمة تخصيص دقيقة جدًا بمساعدة فريق مولينر.
ليست المرة الأولى…
ربما يظن البعض أن هذه أول مرة تعيد بنتلي أحد طرازاتها التاريخية إلى الحياة، لكن الحقيقة أنها فعلت الأمر ذاته عام 2019 مع Bentley Blower ذات المحرك 4½ لتر، وصنعت منها 12 وحدة أيضًا.
ويبدو أن الرقم 12 له طابع رمزي لدى بنتلي، فهو يعكس حصرية هذه السلاسل واحترامها العميق لهوية السيارات الأصلية.
لماذا هذه العودة مهمة؟
قد تتساءل: ما الجدوى من إعادة تصنيع سيارة عمرها يقارب 100 عام؟ الجواب يكمن في أن سلسلة Speed Six ليست مجرد سيارات لهواة الجمع. هي جسر بين الأمس واليوم — بين مهندسي الماضي الذين اعتمدوا البساطة والدقة، وبين شغف الحاضر بالعودة للجذور مع الحفاظ على الحرفية العالية.
هذه المبادرة تثبت أن التقدم لا يعني التخلي عن التراث، بل يمكن للحداثة أن تحتضن الماضي وتقدمه بأسلوب معاصر ودقيق.
في النهاية، عودة بنتلي Speed Six ليست مجرد حدث لحضور معرض أو سباق تقليدي، بل لحظة يسترجع فيها عشاق السيارات في العالم شعور القيادة في عصر لم تكن فيه السرعة أهم من الأصالة، ولا الصوت أعلى من الجمال الميكانيكي.
فهل أنت ممن يتمنون تجربة واحدة من هذه السيارات التي تشبه آلة الزمن؟





