في عالم السيارات، قليل ما نرى مفاجآت تقنية تهز المفاهيم التقليدية. لكن ما قدمته BYD في أحدث طرازاتها الهجينة، يكاد يكون ثورة جديدة في تصميم وتكامل المحركات الكهربائية والبنزين معًا.
فقد كشفت الشركة الصينية الستار عن محرك توربو 2.0 لتر بتصميم أفقي متعاكس (بوكسر)، مخصص لمنصتها الكهربائية المتقدمة e⁴، في خطوة وُصفت بأنها الأولى من نوعها عالميًا، حيث يتم استخدام هذا النوع من المحركات في سيارة هجينة تعمل بمنصة كهربائية بالكامل.
ما هو محرك البوكسر؟ ولماذا هو متميز؟
محرك البوكسر، المعروف أيضًا بـ”المحرك الأفقي المتعاكس”، يتميز بكون الأسطوانات تتحرك بشكل أفقي متعاكس بدل أن تكون مصطفة رأسيًا أو على شكل حرف V. هذه التقنية تجعل المحرك منخفض الارتفاع وذو مركز جاذبية أقرب للأرض، ما يهدي السيارة ثباتًا وتحكمًا أفضل.
طوال عقود، استخدمت شركات مثل بورشه و سوبارو هذا التصميم لما يتمتع به من توازن ميكانيكي ممتاز وتخفيف للاهتزازات. لكن BYD ذهبت أبعد من ذلك — وأدخلته في قلب منظومة هجينة كهربائية جديدة كليًا.
هل هذا مجرد تطوير تقني؟ أم نقلة فعلية في الهندسة؟
إذا ألقينا نظرة على التفاصيل المعلنة في الفيديو الهندسي الذي نشرته BYD، نجد أن الأمر أبعد من مجرد استخدام محرك أفقي. فلنستعرض بعض الملامح الرئيسية:
- الهدف الأساسي من المحرك: توليد الكهرباء لتشغيل المنظومة الكهربائية وليس الدفع المباشر مما يجعله جزءًا من “هايبرد سيريز” حقيقي.
- القوة المجمعة للنظام: 272 حصان (203 كيلوواط) و 380 نيوتن.متر من العزم.
- تصميم فائق الضغط والدمج: ارتفاع المحرك لا يتجاوز 420 ملم، ما يسمح بتركيبه ضمن مساحة ضيقة في مقدمة السيارة – وتحديدًا في وحدة أمامية تضم 6 مكونات: المحرك البوكسر، مولد كهربائي، موتوري دفع أماميين، ومغناطيسين لنظام التعليق الإلكتروني DiSus-Z.
- هدوء التشغيل: الضجيج الصادر عن المحرك في وضع التباطؤ أو الحمل الخفيف لا يكاد يتجاوز موتور الكهرباء سوى بديسيبل واحد – أي أنه شبه صامت.
- أنظمة التشحيم والتبريد المعدلة: استخدم نظام تزييت “الحوض الجاف” وتصميمًا خاصًا لإدارة دورة الزيت، إضافة إلى منظومة تبريد متقدمة تتماشى مع هيكل المحرك الأفقي.
علاقة المحرك بمنصة e⁴ سحر هندسي
منصة e⁴ الجديدة من BYD ليست مجرد هيكل ميكانيكي ذكي. بفضل وجود هذا محرك البوكسر 2.0T الهجين، أصبح ممكنًا تفعيل أوضاع قيادة متقدمة للغاية مثل:
- المشي الجانبي (“كراب ووك”): تحكم مستقل بكل عجلة يتيح للسيارة التحرك بشكل عرضي.
- الانعطاف في المكان: دوران السيارة حول محورها دون الحاجة لمساحة للتفاف عادية.
- إدارة ذكية للطاقة: المحرك يغيّر كمية الطاقة المُنتجة حسب نسبة شحن البطارية، في خطوة تصب في كفاءة استهلاك الوقود والأداء الكُلي.
هنا لا نتحدث فقط عن أداء “عالي” أو “تصميم مميز”، بل عن انسجام عبقري بين عناصر النظام الهجين — يجمع كل من الاحتراق الكهربائي والميكانيكي في قالب مثالي.
بورشه وسوبارو لكن بأسلوب BYD
من اللافت أن بعض الخبراء شبّهوا تصميم محرك BYD الجديد بمحركات بورشه و سوبارو الكلاسيكية، لكن الفرق الجذري يكمن في التوظيف. الرمال المتحركة هنا ليست الأداء الرياضي فحسب، بل تكامل الذكاء الصناعي والإدارة الحرارية ونظم التخميد… وهذا بالضبط ما أضافته BYD.
الهجين ليس مجرد توليفة إنه معمارية تكاملية متطورة، و BYD توظف محرك بوكسر 2.0T كلبنة أساسية لبناء هذه المنظومة.
السيارة التي أنهت الصمت: يانج وانج U7
كل هذه الهندسة تجسدت في سيارة واحدة: Yang wang U7 طراز فاخر هجيني كهربائي بدأ طرحه في أوائل عام 2025. ويبدأ سعر النسخة الأساسية من 628,000 يوان ( قرابة 88.5 الف دولار )، بينما تصل نسخة الأربع مقاعد إلى 708,000 يوان ( نحو 96.5 الف دولار ).
خاتمة
في النهاية، ما فعلته BYD ليس فقط إنتاج أول محرك بوكسر في سيارة هجينة كهربائية، بل قدمت خطوة حقيقية نحو مستقبل تندمج فيه التكنولوجيا و الكفاءة و الابتكار بذكاء متناهي.
فهل ستكون هذه الخطوة بداية لتبني واسع لمحركات البوكسر في السيارات الكهربائية؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة، ولكن المؤكد أن BYD حملت الشعلة أولًا.




